تادرارت أكاكوس

Description

يمثل الفن الصخري في تادرارت أكاكوس سجلاً استثنائياً لنشاط الجماعات البشرية القديمة التي عاشت في منطقة وسط الصحراء خلال العشر آلاف سنة الماضية.  وفي عام 1985، أقرت المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) بالأهمية الاستثنائية لهذا الموقع وتم تسجيله في قائمة التراث العالمي.

   ومنطقة تادرارت أكاكوس هي عبارة عن سلسلة من المرتفعات من الحجارة الرملية تقع في الناحية الجنوبية الغربية لليبيا، في قلب الصحراء بالقرب من الحدود الجزائرية. وتغطي تلك السلسلة مساحة تزيد عن 5000 كيلومتر مربع، بارتفاع فوق سطح البحر يتراوح بين 600 متر على الجانب الشرقي و1420 متر على الجانب الغربي، حيث يحدها غرباً جرف مفاجئ يتاخم وادي تانزوفت. وتتمتع المنطقة بمناظر طبيعية رائعة من خلال تضاريسها المتميزة بالأخاديد الحادة وأوديتها العميقة الناجمة عن الاحافير النهرية وعمليات التعرية على مدى العصور السحيقة و التي تسببت أيضاً في تكوين الملاجئ الصخرية والكهوف الكائنة على سفوح المرتفعات شديدة الانحدار باتجاه الأودية.

   ويمكن تقسيم كتلة او سلسلة هذه المرتفعات الصخرية إلى خمس مناطق رئيسة وفقاً للخصائص الجغرافية والجيومرفولوجية المتنوعة:

  • (المنطقة 1) الجرف الغربي.
  • (المنطقة 2) المنطقة الشمالية، والمعروفة تقليدياً باسم أويس.
  • (المنطقة 3) المنظومة الرئيسية للأودية المعروف باسم راهميلين (Rahrmellen) و روافدها الصغيرة.
  • (المنطقة 4) النظام النهري المركزي حول وادي تشوينات.
  • (المنطقة 5) المنطقة الجنوبية حول وادي تخرخوري.

   ولكن المنطقة اليوم تتصف بطبيعية قاسية وجافة، يسكنها عدد قليل من عائلات الطوارق. تلك المنطقة لم تكن دائماً صحراء: إذ خلال العصر الجليدي المتأخر في العصر البلستوسيني، تميزت بظروف بيئية أكثر رطوبة مما هي عليه الآن وكانت مناسبة لحياة الإنسان والحيوان. وتنتشر الأدلة على النشاط البشري القديم في جميع أنحاء الكتلة الصخرية لجبال أكاكوس في شكل مواقع في الهواء الطلق (اكتشافات معزولة، قطع أثرية متفرقة، هياكل صخرية) أو رواسب أثرية طبقية محفوظة داخل ملاجئ وكهوف صخرية. وقد سمحت البيانات الأثرية والبيئية بإعادة بناء سلسلة طويلة من المراحل الثقافية، بداية من الجماعات البشرية المبكرة من مجتمعات الصيد وجامعي القوت وحتى ظهور المجتمع الرعوي الأول وظهور دولة الجرمنت إلى انتشار قبائل الطوارق وسيطرتهم على المنطقة.

  وتلعب الرسومات والنقوش الصخرية دوراً مهماً في إعادة تصور الجوانب المعيشية الملموسة وغير الملموسة لكل مرحلة من مراحل الاستيطان وهي تتمثل في لوحات لحيوانات برية ومستأنسة وفي جماعات بشرية وفي العلامات الهندسية أو الرموز الغامضة سواء مرسومة أو محفورة على المنحدرات والصخور في الهواء الطلق أو في ملاجئ وفي كهوف صخرية. ويقدم التحليل المتكامل للأشكال والمشاهد -المحددة في الإطار الأثري وفي عموم الأوضاع المناخية القديمة -رؤى مهمة حول المظاهر البيئية، وحول إدراك المشاهد الطبيعية، فضلاً عن التعرف على تقنيات الإنتاج والعالم الرمزي والاجتماعي للمجتمعات القديمة.

   و قد تم تسجيل ستة أنماط فنية رئيسة (الحيوانات البرية و الرؤوس المستديرة و فنون عصر الرعاة، و عصر الحصان بما فيه -الرسومات الآدمية التي رسمت على هيئة مثلثين متعاكسين - و عصر الجمل / الجمل الحديث) حيث ارتبطت هذه الأنماط من الفنون بالمراحل الرئيسية للاستيطان البشري التي عرفت من خلال شواهدها الأثرية  .

   ويتضمن الأرشيف الحالي حوالي 750 موقعاً، تم تسجيلها وتوثيقها من خلال مشاريع بحثية محددة وأبحاث مستقلة أجريت منذ الخمسينيات من القرن الماضي، عندما دخل البروفيسور / فابريتزيو موري تلك الربوع لأول مرة وكشف عن تفاصيل الأعمال الفنية القديمة لجبال الاكاكوس والتي يمكن تقسيمها إلى خمس مناطق رئيسة على النحو التالي: